فى شوارع مصر.. فى هواء مصر.. فى أخبار مصر.. فى وجوه أهل مصر.. لن تجد صعوبة فى إدراك أن جودة الحياة قد اختفت فى هذا البلد.. أنت أمام شعب المعافى فيه مكتئب.. والعاقل فيه محبط.. أصبحت كلمة السعادة.. مصطلحا غير وارد فى قاموس المصريين.. وهذا أمر مرير.
ضبابية الغد وارتباك الواقع وغياب الأمان أصبحت مسيطرة على كل بيت فى مصر بغض النظر عن الاختلافات الاجتماعية والطبقية.. حالة توتر عام وتلف عصبى ونفسى شعبوى.
إلى متى سنظل هكذا؟.. نعيش بلا عيشة.. نعيش شبه يوم.. نعيش شبه حياة.. وكأننا أشباه بشر.. مع أن كل ما تحتاجه مصر لتكون دولة محترمة يشعر فيها أهلها بالسعادة معادلة بسيطه تتكون من ثلاث كلمات وهى «الحرية «و«المساواة «و«سيادة القانون».
وقد يعتبر أحدهم كلامى هذا ضرب من أحلام اليقظة أو أن «عبير» المدينة الفاضلة قد داعب خيالى أو أننى أطلب المستحيل لكى نكون فى مصاف ديمقراطيات راسخة مثل الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبى فى حين أن فى مصر ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى تمرس وثقافة اختلاف وفهم وتقبل للرأى الآخر وأن يحدث تداول فعلى للسلطة.
هذا الكلام تكون له وجاهته عندما نكون فى حالة مقارنة مع دول العالم الأول، ولكن عندما نعلم أن الدول الأفريقية سبقتنا فى ممارسة الديمقراطية واحترام الحريات وتحقيق المساواة بمعناها الشامل وبعضها تجد فيه سيادة حقيقية للقانون، يصبح هذا الكلام كلاما فارغا وبلا مضمون ويكون على من يتولون أمورنا أن يخجلوا من أنفسهم.
ما الكارثة عندما تكون فى مصر حرية حقيقية الأصل فيها حق المحكوم فى سؤال الحاكم ومواجهته؟ ما المأساة عندما تكون فى مصر مساواة حقيقية بين أصحاب الأديان المختلفة وبين الرجل والمرأة؟ ما العيب عندما تكون فى مصر سيادة حقيقية للقانون واستقلال تام للقضاء والمؤسسات؟
والكلام هنا والسؤال هنا لأهل السلطة فى مصر ما الذى يمنعكم من السير فى طريق الدول المحترمة التى تسبونها فى خطابكم السياسى وتحرصون على تمتع أولادكم بجنسياتها؟
أى مواطن فى الدنيا عربى، أفريقى، أمريكى، أوروبى، لاتينى.. أو حتى فى جمهوريات الموز.. له نصيب من السعادة فى يومه.. له نصيب من الحلم فى الغد.. لماذا تحجبون السعادة عن المصريين؟ ألسنا بشرا؟ ألسنا أحياء؟
كفانا هموما.. كفانا سموما.. كفانا كذبا.. كفانا اتجارا بالدين.. كفانا مساومات رخيصة.. كفانا التفافا وألاعيب مشبوهة.. نحن شعب يستحق الحياة ويستحق السعادة ويستحق أن يحلم.. ومصر تستحق أن تكون فى مصاف الدول المحترمة التى تكتسب احترامها من احترام شعبها.. ونصيحتى لكل مسئول فى مصر لأن المسئولية تاهت ولم نعد نعرف لما نحب نكلم مصر نكلم مين؟ كل يوم الصبح ردد هذه الكلمات إلى أن تقتنع بها «حرية، مساواة، سيادة قانون».
نقلا عن جريدة الوطن