كم هو مفزع أن نشعر بالخوف وعدم الطمأنينة والأمان ونحن داخل منازلنا وأن تختنق بالصدور أنفاسنا ونحن ننتظر غدا ليس

كم هو مفزع أن نشعر بالخوف وعدم الطمأنينة والأمان ونحن داخل منازلنا , وأن تختنق بالصدور أنفاسنا ونحن ننتظر غدا ليس له ملامح واضحة تصبرنا , وتظل أعيننا عالقة بين السماء والأرض ترجو شروق الشمس وانحسار الظلمة عن ليل طويل أخفى وراء ستائره وجوه خفافيش الظلام التى تحاصرنا , كم هو رهيب أن يكون الخوف والرعب هو رفيق رحلتنا اليومية ونحن نبحث عن لقمة العيش من مكان سكننا وحتى مكان عملنا ولا يوجد أمامنا بديل فأما البقاء فى مسكننا والموت جوعا أو الموت على أيدى أحد البلطجية الذى قد يعترض طريقنا ساعيا لسرقتنا أو خطفنا وطلب فدية من أهلنا أو أغتصابنا أوقتلنا ولانجد من يدافع عنا فى ظل الغياب الأمنى فى الشارع المصرى .
كنا نحلم بعد قيام ثورتنا النبيلة بايادى بيضاء تنتشلنا من وباء الفساد الذى استشرى فى البلاد فى عهد النظام السابق وأن تتحسن أوضاعنا عما كانت قبلها ولكن ماحدث جاء عكس كل التوقعات فقد انقلبت حياتنا الى جحيما حيث ضاقت علينا الدنيا أكثر بعد أن عمت الفوضى البلاد وفتحت السجون وأصبح المجرمين والبلطجية طلقاء يعيثون فى الأرض فسادا لايردعهم شىء حتى الأجهزة الأمنية أصبحت عاجزة أمام مواجهتهم بعد أن أنتشرت تجارة السلاح فى مصر وأصبح السلاح فى متناول يد الجميع .
وقد كشفت دراسة حديثة صادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حجم مانعانيه من تردى الأوضاع الأمنيه منذ قيام ثورة يناير ، حيث أشارت الى أن عدد حوادث السرقة بالإكراه بلغ منذ وقوع الثورة نحو 3312 حادثة، وهو رقم غير مسبوق، وبلغ عدد بلاغات سرقة السيارات نحو 17 ألفًا و800 بلاغ، هذا إلى جانب بلاغات الخطف والاغتصاب، وبلغت حوادث السطو المسلح 495 حادثًا، وأشارت الدراسة إلى أن هناك أوجهًا متعددة للأنشطة الإجرامية التى يمارسها المسجل خطر فعلى رأسها الاتجار فى المخدرات بنسبة 27% ثم السرقة بالإكراه 18% والبلطجة 11% والقتل العمد 10%.
يأتى ذلك بعد إعلان وزارة الداخلية أن هناك ما يقرب من 110 ألف مسجل خطر فى مصر، وأن هؤلاء يمثلون تحديًا كبيرًا لرجال الشرطة، فيما أكدت دراسة حديثة أن محافظات الوجه البحرى تحتل أعلى نسبة فى أعداد المسجلين، حيث تصل إلى 31%، ثم القاهرة بنسبة 28.8% ، والوجه القبلى 24%، والإسكندرية 7.9%، وبورسعيد 5.2% ، والسويس 0.6%، أما محافظات الحدود فهى الأقل لانخفاض الكثافة السكانية بها وسيادة القبلية والعشائر بها.
وتشير الدراسة كذلك إلى أن معدلات التجمهر وقطع خطوط السكة الحديد فى الـ 18 شهرًا الماضية بلغت أرقامًا قياسية لم تشهدها مصر من قبل، ووجد أن الوجه القبلى هو الأكثر تضررًا، وقد وصلت الخسائر المادية بحسب هيئة السكك الحديدية إلى أكثر من 24 مليون جنيه فى الثلاثة شهور الأخيرة من عام 2012 فقط، وأن إجمالى القطارات التى توقفت بسبب الإضرابات والاعتصامات بلغ 1720 قطارًا فى الوجهين البحرى والقبلى وبلغت نسبة التأخيرات ساعة و45 دقيقة لكل قطار.
كل تلك الأرقام والاحصائيات تشير الى أننا أصبحنا فى منحنى خطر ويكفى أن مصر أصبحت فى الترتيب الرابع للدول غير الآمنة على مستوى العالم، حسب ماورد فى تقرير الصادر عن ال CNN والذى يحتاج الى وقفة .
منذ عامين كنا نطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية وأصبحنا الأن نطالب بالأمن والأمان الذى مع فقدانه فقدنا كل شىء فى حياتنا فقد تدهورت أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مع غياب دور الأمن الفعال فى الشارع وتكرار الاحتجاجات والمظاهرات التى دائما مايتخللها أعمال عنف وتخريب ينتج عنها قتلى وجرحى ومازالت فى حالة تدهور مستمر الى الان ولانرى أمامنا ولو على المدى البعيد أى طاقة نور تهدينا الى طريقنا وتطمئن قلوبنا على مستقبلنا ومستقبل أولادنا وتزرع بداخلنا نبته أمل جديدة فى غد أفضل ومللنا الاستماع الى تصريحات النخبة التى طالما أكدت على أن أى ثورة تقوم فى أى مكان فى العالم تحتاج الى فترة انتقالية يتذوق فيها مواطنيها مرارة العيش ويكونوا فيها كبش فداء للتخبطات والنزاعات السياسية حتى تستقر الأوضاع فى البلاد .
لانختلف مع النخبة فى أننا نريد أن تنهض البلاد ولكن كيف سيتحقق ذلك ونحن نفتقد الأمن والأمان فاذا أرادت أمة أن تحقق لنفسها تقدماً حضارياً مزدهراً فلابد أن يتوافر الأمن لديها على المستوى الفردي والمستوى الاجتماعي، فلا نهضة علمية أو اجتماعية من دون أمن أو طمأنينة تلقح العقول وتشحذ العزائم وتعلي الهمم وتطلق الحريات•
فالأمن هو تحقيق السكينة والطمأنينة والاستقرار على مستوى الفرد والجماعة ولكي يتحقق الأمن في المجتمع فلابد من التصدى للأعمال السلبية التي تنشر الخوف والذعر بين الناس بكل حزم كالإيذاء النفسى والبدنى ، والتجسس، وشهر السلاح، وسوء الظن، والقتل , والتلاسن بالألفاظ ومحاربة الفتن فاذا استطعنا محاصرة رؤؤس الشر المتمثله فى البلطجية والمفسدين فسنكون بدأنا أول خطواتنا الى طريق النهضة .