درج مؤخراً استخدام اعتباطي لمفاهيم قادمة من قاموس السياسة وفلسفة السياسة كان من أبرزها "الفاشية" وغالباً ما يساهم الصحافيون والإعلام في انتقاء ملمح واحد أو سمة للفاشية وليكن العنف الهائل مثلاً ثم يقومون بتعميم هذا الوصف على كل من يمارس عنفاً كبيراً. فكيف يمكن استخدام "الفاشية" دون خيانة معنى المصطلح في التاريخ؟
في مقالة بعنوان "Ur-Fascism" من عام 1955، يبيّن الأكاديمي والكاتب الإيطالي أومبرتو إكو أن من الممكن ملاحظة الاختلاف في استخدام الكلمة في الفرق بين وصف الألمان والإيطاليين بـ"الفاشيين الخنازير" خلال الحرب العالمية الثانية، وبين وصف الأمريكيين الهيبي للشرطة بـ"الفاشية" لأنها كانت تمنعهم من التدخين بعد ثلاثة عقود. وبين النازية في الأربعينات والشرطة في السبعينات والثمانينات ثم الأنظمة العربية في العقد الأول من القرن 21، تحضر "الفاشية" كوصف وحيد بارز يلخص كل الفروق ويعتبر أقسى ما يمكن إطلاقه على الاستبداد.
يرى إكو أن نظام موسوليني في إيطاليا كان ديكتاتورية يمينية بكل تأكيد لكنها غير شاملة "بسبب الضعف الفلسفي في أيديولوجيتها"... لم يكن لها فلسفة خاصة بل فقط "أسلوب لباس معين يتكون من القمصان السود والتي كانت أكثر تأثيراً بكثير من تصاميم أرماني وبينيتون وفيرزاتشي اليوم". ويضيف "الفاشية هي شمولية غامضة، مجموعة من الأفكار الفلسفية والسياسية المختلفة، مكان يضج بالتناقضات". كان هناك النازيون، الفاشيون الأكثر جدارة باللقب، لكن اللعبة الفاشية يمكن أن تلعب بأشكال كثيرة دون أن يتغير اسمها.
في هذا المقال، يعرض إكو 14 ملمحاً أساسياً للفاشية. بعضها يبدو في تناقض مع بعضها الآخر كما أن كثيراً منها هي سمات مشتركة من أنواع أخرى من الاستبداد أو التعصب.
1- عبادة التقليد. "لا يتوجب على المرء أكثر من النظر إلى المنهج في كل حركة فاشية ليعثر على المفكرين التقليديين الرئيسيين".
2- رفض الحداثة. "ينظر إلى التنوير، إلى عصر العقل، باعتباره بداية الفساد الحديث. بهذا المعنى يمكن تعريف الفاشية بأنها لاعقلانية".
3- عبادة العمل من أجل العمل. "يجب على العمل حتى يكون جميلاً في حد ذاته أن يتم القيام به قبل، أو بدون، أي تفكير مسبق. التفكير هو شكل من أشكال التعثر".
4- الخلاف خيانة. "الروح النقدية تصنع التمييزات، والتمييز هو علامة على الحداثة. وفي الثقافة الحديثة يشيد المجتمع العلمي بالخلاف كوسيلة لتحسين المعرفة".
5- الخوف من الاختلاف. "الدعوة الأولى لكل حركة فاشية هي دعوة ضد الغرباء. وهكذا فإن الفاشية عنصرية بحكم التعريف".
6- دعوة إلى الإحباط الاجتماعي. "كان من أكثر السمات شيوعاً للفاشية التاريخية الدعوة الموجهة إلى الطبقة الوسطى المحبطة، وهي فئة تعاني من أزمة اقتصادية أو مشاعر إذلال سياسي، وخائفة من الضغوط التي تمارسها عليها فئات اجتماعية أدنى".
7- الهوس بالمؤامرة. "يجب أن يشعر الأتباع بأنهم محاصرون. وأسهل طريقة لحل المؤامرة هي الدعوة إلى كراهية الأجانب".
8- العدو قوي وضعيف. "من خلال تحول مستمر في التركيز البلاغي، فإن الأعداء هم في الوقت نفسه أقوياء جداً وضعفاء جداً".
9- نزعة السلام شريكة الأعداء. "ليس هناك بالنسبة للفاشية نضال من أجل الحياة، بل إن الحياة يجب أن تعاش من أجل النضال".
10- ازدراء الضعفاء. "نزعة النخبة هي جانب نموذجي لكل ايديولوجية رجعية".
11- الجميع يتعلم ليصبح بطلاً. "في الأيديولوجية الفاشية، البطولة هي القاعدة. وعبادة البطولة ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع عبادة الموت".
12- نزعة تفوق الرجال على النساء وتقدير الأسلحة. "ازدراء المرأة وعدم التسامح وإدانة العادات الجنسية غير التقليدية".
13- شعبوية انتقائية. "هنالك شعوبية التلفزيون أو الإنترنت حيث يتم تقديم الاستجابة العاطفية لمجموعة منتقاة من الناس باعتبارها صوت الشعب".
14- الفاشية تتحدث لغة خشبية. "تستعمل جميع الكتب المدرسية النازية أو الفاشية مفردات فقيرة، وأسلوب بدائي في بناء الجملة، وذلك من أجل الحد من أدوات التفكير المعقدة والنقدية".
