كشف المتفقد العام في برنامج إعادة إعمار أفغانستان جون سوبكو بمناسبة تقديمه لكشف عن أعمال البرنامج أمام الكونغرس الأمريكي "أغلى محطة وقود في التاريخ وفي العالم" أقامتها الولايات المتحدة في البلاد بعد أن أنفقت على إقامتها 42.7 مليون دولار، وفق ما نقلت صحيفة الموندو الإسبانية، في تقرير لمراسلها في واشنطن.
وأوضح التقرير أن كلفة إنشاء المحطة التقديرية قفزت من 3 ملايين دولار، عند إطلاق الاستشارة الأولية حول كلفة إقامتها، إلى أكثر من 42 مليون دولار، علماً أن كلفة المحطة نفسها في باكستان المجاورة، لا تتجاوز 300 ألف دولار، رغم الفارق في كلفة المعيشة بين البلدين.
أغلى من طائرتي اف 15
ولتبرير هذا المبلغ الخرافي لإقامة محطة بنزين صغيرة في منطقة منعزلة في بلد مثل أفغانستان، في محافظة جوزدجان الشمالية، الحدودية مع أوزباكستان، وبكلفة تُفوق ثمن طائرتين من طراز اف 15 أيغل الحربية، يحتاج المتابع حسب الصحيفة، إلى معرفة دقيقة بحقيقة التدخل المالي الأمريكي في أفغانستان تحت عنوان إعادة الإعمار.
وأوضحت الصحيفة أن هذا المبلغ الصادم لم يُحرك ساكناً في وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون المشرفة على إعادة الإعمار، والتي اكتفت بالرد على أسئلة اللجنة البرلمانية في الكونغرس التي تنظر في هذا الملف بالقول إن :"وزارة الدفاع عاجزة عن تبرير هذا المبلغ الضخم، أو تبرير ارتفاع إقامة مثل هذه المحطة، بهذ الشكل، أو الردّ على أي أسئلة أخرى تتعلق بالمشروع أو الممارسات التي تخللت إنجازاته، أو النتائج المنجرة عنه".
في غينيس قريباً
وأضافت الصحيفة أنه لا يمكن في نظر الخبراء والعارفين بتفاصيل العمل الإداري في الولايات المتحدة، خاصة منه العمل المتعلق بالمسائل العسكرية والاستخباراتية، فإن هذه المحطة التي ستجد طريقها إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية سريعاً، جزء من عمليات تنمية وإعادة إعمار أفغانستان التي تمثل مشروعاً أكبر ميزانيته 800 مليون دولار.
وعندما تتداخل مثل هذه المسائل مع القضايا الدفاعية، فإن محققاً إدارياً لا يجد في العادة أي ردود على الأسئلة التي يطرحها، تماماً كما حصل في أكثر من مناسبة، بعد أن اكتفت وزارة الدفاع الأمريكية بالرد على طلباته واستفساراته بالقول :"لا نملك ما يكفي من موظفين للرد على مثل هذه الأسئلة".
18 محطة
وأكدت الصحيفة أن السؤال الأكبر لا يتعلق بهذه المحطة، أو بمالكها الحقيقي وكلفة إقامتها، ولكن بميزانية برنامج إعادة الإعمار وكيفية أنفاق ميزانيته الضخمة، خاصة في ظل تواتر التقارير التي تُشير إلى أن هذا البرنامج أقام ما لا يقل عن 18 محطة بنزين أخرى في مناطق متفرقة من أفغانستان، ولا يعرف أحد حتى الآن كلفتها الحقيقية.
وبالعودة إلى المحطة المذكورة قالت الصحيفة:"في البداية جاء المشروع، حسب برنامج إعادة الإعمار، للتشجيع على استغلال الغاز الطبيعي المستخرج من المنطقة، والحد من التلوث البيئي، والمساهمة في دعم التشغيل، والاكتفاء الذاتي من الغاز في أفغانستان في ظل الأسعار المتدنية للغاز وقوداً للسيارات مقارنةً بالديزل أو البنزين".
بضع سيارات
ولكن الواقع يؤكد اليوم أن "كامل المنطقة لا توجد فيها سوى بضع سيارات لا تتجاوز العشرات، وأكثرها لا يعمل بالغاز" حسب الصحيفة، التي تضيف "لفهم مبررات إقامة مشروع بهذه الكلفة، لا بد من الانتباه حسب الخبراء إلى أن كامل هذه المنطقة، كانت ولاتزال خاضعة إلى أحد كبار أمراء الحرب أثناءالحرب الأهلية الجنرال الشهير عبد الرشيد دوستم".